شهدت الآونة الأخيرة تبايناً في الآراء والأفطار، حول مفهوم العمل الإغاثي والتطوعي في عالمنا العربي والإسلامي، ليفرز لنا هذا التباين تأخراً ملحوظاً على مستوى الأفراد والمؤسسات.
ويكمن هذا التأخر في فكرة الكثيرين عن هذا العمل بسبب الاقتصار على تقديم الخدمات الإغاثية والعاجلة، من خلال العاطفة لتلبية احتياجات المتضررين وخاصة في النوازل التي أصابت عالمنا العربي والإسلامي خلال الفترة الأخيرة، بداية من زلزال سوريا وتركيا، مرورا بأحداث السودان، وانتهاءاً بأحداث أهلنا في فلسطين وتحديداً غزة.
صحيح أن بعض هذه الأعمال الإغاثية كانت ضرورية، ولكن إذا تم غدارة هذا العمل التطوعي بفكر مستنير، ورؤى واضحة، ودراسة مستفيضة، فإننا سنكون أمام عمل خيري مستدام.
ومن خلال البحث خلف المؤسسات الخيرية تبين أن معظم هذه المؤسسات تحتاج إلى المزيد من الأموال طوال الوقت من أجل استمرار تقديم الخدمة الإغاثية للمحتاجين، وفي حال توقفت هذه الأموال فإنه يتم إيقاف هذه الخدمات مباشرة.
فمثلاً، إذا قررت مؤسسة خيرية حفر بئر في إحدى الدول الإفريقية، فإن التكلفة قد تصل إلى 1000 دولار أمريكي تقريباً، وسيعمل هذا البئر لفترة من الزمن.
ولكن بعد فترة سيحتاج هذا البئر إلى صيانة دورية تصل تكلفتها إلى آلاف الدولارات، وهنا من الصعب أن توفر هذه المؤسسات الخيرية قيمة الصيانة، ولكن إذا تم تعليم أبناء هذه القرى كيفية صيانة الآبار، فإننا سنوفر المياه، إضافة إلى الوظائف، مروراً بتوفير المزيد من الأموال من أجل أعمال إغاثية أخرى.
في إحدى الدول، تبرع أهل الخير لإقامة مستشفى خيري كبير بتقنيات عالية، وأجهزة متقدمة للغاية تصل للدرجة الفندقية,
في هذه الأثناء تدخل القائمون على هذا العمل لجعله أكثر إستدامة، وفكروا، كيف يمكن لهذه المستشفى أنت تنفق على نفسها؟.
نعم، فمن الممكن أن يتوقف إنفاق أهل الخير على هذه المستشفى في يوم من الأيام، بل زاد التفكير إلى أن يخدم هذا المستشفى الخيري الفقراء، إلى جانب أن يعود عليهم بالمال.
وهنا تأتي فكرة استخدام الأبحاث والدراسات في مجال العمل الخيري، وجاءت الفكرة ببساطة أن تخدم المستشفى كلاً من الفقراء والأغنياء بنفس المستوى دون تمييز، ليجد الفقير نفسه يقف إلى جوار الغني دون أدنى تفرقة.
وتكمن فكرة المستشفى في أن يدفع الأغنياء مقابل علاج ذويهم، لتنفق المستشفى على علاج الفقراء من المقابل الذي يدفعه الأغنياء.
رؤية المعهد تقوم على إعداد الدراسات والأبحاث الخاصة بالمؤسسات الخيرية، من أجل النهوض بالعمل الخيري في عالمنا العربي والإسلامي، وذلك من أجل الوصول إلى الاستدامة في هذه الأعمال، من أجل خدمة الفقراء والمحتاجين بشكل مستمر.